الرئيسية / المقالات / علم النفس الرياضي في ركوب الخيل

علم النفس الرياضي في ركوب الخيل

ركوب الخيل باستخدام علم النفس الرياضي هو نهج جديد باستخدام تقنيات التدريب الحديثة التي لديها بالفعل سجل طويل من النجاح في عديد من الألعاب الرياضية ، ولكن المبادئ التقليدية للركوب تبقى بلا شك دون تغيير. ففي الواقع إن التدريب النفسي يفيد الفارس والمدرب بشكل فعال، وهو تقنية يمكن تعلمها من قبل أي شخص.

ففي حالة المبتدئين فسوف تمكنهم من إحراز تقدم سريع وخال من المشاكل. وإن المنافسين الناجحون يستخدمون هذه التقنية سواء بوعي أو بشكل تعليمي و تدريبي منهجي بحت. ولذلك فمن الأهمية بمكان أن يتعلم المبتدئون استخدام النهج النفسي، لأنه يضع الأسس للنتائج المرجوة و التقدم المدروس في المستقبل.

الكتابة عن علم النفس الرياضي في بضع صفحات ليست كافية لإعطاء صورة كاملة. ففي هذه العجالة فقط لتسليط الضوء على هذا النهج “علم النفس الرياضي” ولتنوير القارئ ولحثه لمزيد من البحث. وفي الواقع إن هذا النهج يمكن تطبيقه بسهولة في جميع مستويات رياضة الفروسية ، بل في واقع الأمر يمكن الإستفادة منه في الحياة العملية خارج نطاق عالم الرياضة.

فما هو التدريب النفسي؟ هو طريقة التعلم التي تمكن الرياضيون، السيدات و الرجال على السواء، على التأثير بشكل كبير وتحسين الأداء البدني و المهارة المطلوبة من خلال التصورالذهني أو العقلي، وذلك باستخدام العقل والمشاعر. ففي السنوات الأخيرة حققت هذه الطريقة نتائج باهرة في مجموعة واسعة من الألعاب الرياضية.

أما رياضة الفروسية فكان واضحا أن الفرسان المتميزون الذين ينتظرون دخول ساحة القفز مثلا، فإنهم يجلسون و قد غمروا في أفكارهم و هم يتخيلون مسلك الحواجز في ميدان القفز و هم يكررونه مرة تلو أخرى في عقولهم ، إما بالإشارة بالإصبع إلى الحواجز ، أو قد أغلقوا أعينهم في إسترخاء لتخيل مسلك الحواجز. التدريب النفسي ليس جديدا،بل إن الفرسان المتميزون و الناجحون يستخدمونه تلقائيا من داخلهم. فما هو الجديد إذن ، هو أنه من الإمكان تعلم تلك التقنيات بشكل منهجي من قبل أي شخص من الهواة أو المحترفين أو راكبي الخيل للمتعة و الترفيه. ومن ثم التدريب النفسي هو مفتاح النجاح. ومن المهم أن نذكر أن التدريب النفسي مثل أي شكل من أشكال التدريب فتأثيره الفعال لن يظهر إلا إذا مورس بشكل مكثف و منهجي بما فيه الكفاية ولفترة طويلة مناسبة ليصبح ممارسته بشكل تلقائي . فممارسته قبل الفحص أو المسابقة بفترة قليلة لن يعطي النتائج المرجوة ، ولكي يؤدي إلى نتائج فعالة دراماتيكية يجب أن يمارس بشكل منتظم حتى موعد الفحص أو المسابقة. فإن الممارسة على مدى فترة طويلة كافية يؤدي إلى تطوير القدرة على تصور تسلسل الإحداث و التصوبرالتخيلي في العقل ولتشغيل هذا “الفيلم الداخلي” كلما أحتيج إليه. وهذا ما يسمى التخيل الذهني أو البروفة العقلية/الذهنية. وبالتالي يمكن ممارسة كل شيء مرارا وتكرارا دون وجود الحصان. و ذلك بممارسة تمارين البروفة التصورية في الذهن والعقل في حين أن الحصان يقف في مربطه ويدخر ذلك جميع الجهد البدني أو الضغط النفسي.

وللسيطرة على الذهن ، هناك مهارات ستة يمكن تعلمها و هي كما يلي:

1) السيطرة على الشواهد (التوتر والاسترخاء):

هناك بعض الطرق الفعالة لتنظيم مستوى التحفيز “كيفية الاسترخاء وكيفية التحفيز من الداخل”، و السيطرة على السلوك والبيئة المحيطة والذهن.

أ) مراقبة السلوك:

للاسترخاء، التحرك ببطء أو لا تعمل على الإطلاق، و التنفس بعمق والزفير ببطء وهدوء.

لزيادة مستوى الإثارة و التحفيز، التحرك بسرعة وبقوة. وعقد عضلاتك بقوة وبشكل متعمد ، والتنفس العميق بوعي .

ب) مراقبة البيئة المحيطة:

للإسترخاء، البحث عن مكان هادئ مع عدم وجود أي ملهيات، والاستماع إلى موسيقى هادئة .

ولزيادة مستوى الإثارة، اختيار مكان نشط وصاخب وأن تكون الأجواء المحيطة مثيرة مليئة بالملهيات والأصوات العالية، والموسيقى الحماسية .

ج) إطار السيطرة العقلية:

للاسترخاء، ضبط نفسك لوضع ‘الهدوء’ ؛ وأن تستحضر شعورا لطيفا من الرفاه و السعادة ، كأن تقول لنفسك “أشعر أنني بحالة جيدة و سعيدة حقا”.

للإثارة، تحتاج للشعور بالتحدي، و وضع نفسك تحت الضغط ، ولكن بشكل حازم كقولك لنفسك “أريد أن أفعل ذلك الآن بل أستطيع فعله”.

النتيجة النهائية لمناطق السيطرة الثلاث هي “أنا أستطيع السيطرة على مستواي في التحفيز و الإسترخاء”.

2. وعي الجسد والإحساس:

ولأن التواصل مع الخيل أثناء الركوب من خلال الجسد و الإحساس بالفرس أو الحصان ، و كذلك عن طريق المساعدات الأخرى الخاصة بالفروسية كالأسراع و الشكيمة، فإن الوعي في الركوب يوصل جسد الفارس للإحساس الدقيق بالخيل . وذلك أيضا يمكن الفارس من مراقبة تحركات الحصان وستكون ردود الفعل أكثر دقة. إن الوعي و الإحساس سوف يمكن الفارس من التغلب على المشاكل و الصعوبات بسهولة و ليونة أكثر إذا فهم “الإحساس” أو وعي الجسد. وهذا هو الأساس للسيطرة الجسدية، والذي هو أهم أداة للفارس. كما أنها أداة مهمة للمدرب في الحصول على نتائج أكثر فعالية من خلال تدريب وعي الجسد و”الإحساس” للمتدرب.

3. البروفة العقلية (التخيل / التصوير الذهني):

هناك حاجة ماسة لتعلم مهارة تصوير و تخيل الحركات في العقل تماما كما إستخدامها عند الركوب. فإن الأعصاب والعضلات والأربطة والأوتار تتفاعل بنفس الطريقة التي تحدث أثناء الركوب الحقيقي. وفي الملخص ما تستطيع تصوره أو تخيله هو ما ستحصل عليه.

4. التركيز:

ومن الأهمية بمكان تعلم التركيز وعدم السماح لأي مشتتات . وهذه هي مهارة أخرى يتم تطويرها من خلال التدريب. فالفارس يركز كل اهتمامه وطاقاته لمهمة واحدة دون أن يسمح الحياد عن الطريق. فمن خلال الممارسة المنتظمة يصبح التركيز أفضل و أكثر دقة .

5. إيجابية السلوك (الثقة بالنفس):

تعلم التفكير بشكل إيجابي وبلورة الموقف الواثق. وبهذه الطريقة سوف يرى الفارس في نفسه القدرة على فعل الأشياء التي كان يظن أنه غير قادر على القيام بها. ومع ذلك فالأهداف يجب أن تحدد و أن تكون معقولة و واقعية وقابلة للتحقيق و القياس و أن يكون الهدف محددا زمنيا.

6. حديث النفس:

إن المهارة التي لا يمكن ترجمتها في كلمات، فإنه لا يمكن أن تتغير أو تتحقق أو يمكن تحسينها، فإن الفارس إذا أراد أن يتعلم مهارة ركوب الخيل وتوطيد ذلك، فيجب عليه أن يستطيع وضع تلك المهارات و التصورات في كلمات.

ففي الختام ”حديث النفس” بشكل إيجابي هو الطريقة الرئيسية و المهمة لإستخدام جميع جوانب التدريب النفسي على نحو فعال ، أي في وضع الاسترخاء أو الإثارة، والإحساس و التخيل الذهني والتركيز والثقة بالنفس. وخلاصة هذا كله هو : أن تتحدث إلى نفسك إيجابيا يسهّل عليك تحويل المهارات الذهنية الخاصة بك إلى أفعال ناجحة.

 

 

بقلم / د. حاتم بن علي العبادي

المشرف العام لنادي فروسية جامعة الملك عبد العزيز

أستاذ مساعد و إستشاري الجراحة العامة المنظارية

كلية الطب – مستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة

 

شاهد أيضاً

قفز الحواجز .. تضبط الحياة

امتطاء صهوة الجواد والتدرب على فروسية قفز الحواجز ، تملئ الأوقات سعادة غامرة و حماس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: الحقوق محفوظه لموقع صهيل
X