الرئيسية / المقالات / ضوابط استخدام صور الخيل العربية الحديثة لشرح صفاتها عند القدماء

ضوابط استخدام صور الخيل العربية الحديثة لشرح صفاتها عند القدماء

 سلسلة دروس شرح كتاب: (قانون صفات الخيل العربية) عبد العزيز القرشي.

رقم الدرس: ٦

تاريخه: ١٩/ ٦/ ١٤٣٦هـ

عنوان الدرس :

ضوابط استخدام صور الخيل العربية الحديثة لشرح صفاتها عند القدماء.

سنشرع بإذن الله -ابتداء من الدرس القادم- في الصفات التفصيلية للخيل العربية، وقد كنت مدركا تمام الإدراك، وأنا أُعِدُّ هذا الكتاب: (قانون صفات الخيل العربية) مدى أهمية النموذج الذي يقرّب المعلومة المُحَرَّرة، فمهما تكن جودة المعلومة وتحريرها ووضوحها فإنها لن تعطي من إدراك حقيقتها إلا ما نسبته ٥٠٪ وتبقى المساحة الأخرى من النسبة المئوية شاغرة لا يملؤها إلا النموذج. وقد تحيرت كثيرا في اختيار النموذج: هل يكون بواسطة الرسم؟ أم يكون بواسطة النموذج الحقيقي؟ فالرسم يخرجنا من دائرة التقييم (التحسين والتقبيح)؛ الذي عادة ما يثير إشكالا في وسط المربين والمنتجين، لكنه -أعني الرسم- يدخلنا في دائرة المثالية من جهة، والدخول في اختلاف في وجهة النظر مع الرسام من جهة ثانية، وتعثُّر الإنجاز لازدواجية العمل من جهة ثالثة. أما النموذج الحقيقي -وأقصد به الصور الحقيقية- فهو مريح من حيث سهولة الاختيار، والإنجاز، والواقعية، لكنه يدخلنا في دائرة التقييم من جهة، وعدم توفر النموذج القريب للكمال -من حيث العموم- من جهة أخرى.

وبعد تردد وحيرة واستشارة واستخارة رجحت اعتماد النموذج الحقيقي، لأن عيوبه أقل من مزاياه، فالقرب من الواقعية، وسهولة الاختيار والإنجاز، لا تهدمها مسألة حساسية التقييم؛ لا سيما إذا اعتمدنا في ذلك على جملة من الضوابط، التي سوف تخفف من أثر استخدام النماذج الحقيقة.

وبهذا تكون النماذج الحقيقية للخيل العربية في العصر الحديث، هي الوسيلة التي سوف نعتمد عليها في الوصول إلى تقريب تلك الصفات التي حررناها في الكتاب. ولا يخفى على المختصين في هذا الشأن ما في الصور الحقيقة للخيل العربية من إشكال، فهي قد تُحسِّن القبيح، وتُقبِّح الحسن، وتجعل النموذج على خلاف الواقع، وقد تدخل عليها يد التحسين (الفوتوشب)، وتضيف لها ما ليس منها، وقد يكون التصوير قديما فلا تظهر فيه المحاسن أو المساوئ كما تظهر في التصوير الحديث، وغير ذلك مما يحتفُّ بمسألة التصوير من إشكالات… ولذلك سوف أستعين بجملة من الضوابط التي تأطر عملية الاختيار، وتنزع بها إلى الدقة والسلامة قدر الإمكان، وهي كما يلي:

١/ ما أقدمه من النماذج هو اجتهاد يخصني فيما أُقدِّر أنه يشرح ويوضح المعلومة التي اجتهدت سلفا في تحريرها نظريا، ويبقى اجتهادي هذا -سواء في النظر أو في التطبيق- صواب يحتمل الخطأ حتى يثبت لي خلافه.

٢/ في اختيار النماذج نسعى إلى القُرب من صفة الكمال ما أمكن، وهذا لا يمنع من ذكر النماذج الأقل، أو النماذج المخالفة، لأجل توضيح الفكرة.

٣/ اختيار النماذج مبني على أساس تقريب المعلومة النظرية وشرحها، وليس مبني على عِتْق الفرس أو أصالته، أو شهرته الإنتاجية أو الإنجازية، فقد نختار الأصيل وغير الأصيل، والمشهور وغير المشهور، فالعبرة بما نراه يحقق الصفة في ذاتها فقط.

٤/ ليس لنا شأن بالتسمية في اختيار النماذج، فلا يهمنا من النموذج هو من أو لمن؟ إنما يهمنا هو تحقيقه للصفة النظرية.

٥/ نتعامل مع النماذج على اعتبار أنها رسومات ثابتة، فشكل الصورة الذي يحقق الصفة -إيجابا أو سلبا- سنعتمد عليه دون النظر إلى اختلافها عن الواقع، أو إلى احتمال وجود صورة تخالف هذا الشكل في هيئة أخرى، أو احتمال تحسين الصورة أو تقبيحها عن طريق برامج الفوتوشب. وبمعنى آخر: قد نختار نموذجا لصفة ما، فيأتي شخص ويقول: لكنّ الفرس المُختَار في الواقع يخالف الصورة، أو يقول: هناك صورة أخرى للفرس نفسه تخالف هذه الصورة. نقول في كل ذلك: لا ضير، فنحن نتعامل مع الصورة المُختَارة باعتبارها رسمة في هذه الحالة، فدلالتها في الشكل المُختَار على الصفة التي تمثلها -حُسْنًا أو قُبْحًا- هو المهم.

٦/ التفريق بين التحسين والتقبيح من خلال النماذج المقترحة، وبين مسألة الإنتاج، فالإنتاج أمر مختلف عما نحن بصدده تماما، وله قواعد وضوابط مختلفة كذلك، فقد نختار نموذجا لفرس غير منتج، أو لفرس يورِّث بعض العيوب في إنتاجه، أو غير ذلك… فهذا الصنيع لا يتعارض مع تقريب الصفات وشرحها من خلال هذه النماذج، لأن غايتنا هنا توضيح الصفة في ذاتها فقط.

وعلى ضوء هذه الضوابط سنهتدي في تحويل كتاب (قانون صفات الخيل العربية) من النظرية إلى التطبيق، ومن طور المتن العلمي إلى طور المتن الأطلسي، الذي نرجو أن يقرب لمحبي الخيل العربية فهم صفاتها التي أسسها القدماء.

ولا بد في نهاية هذا الدرس من الإشارة إلى مسألة جوهرية؛ تكمن في اختلافنا في تقدير الصفات، فنحن وإن اتفقنا في كثير من العلم النظري عن صفات الخيل العربية سنختلف -إلى حد ما- في تطبيقنا وتقديرنا لها. وهذه المسألة تتعلق بالتفريق بين الأصول والفروع في هذا العلم، فإحكام الأصول والاتفاق عليها يسهل حركة الاختلاف في الفروع ويثريها، فمثلا استحباب طول العُنُق وإشرافها في الفرس الذَّكر من الأصول المُحْكمة في صفات الخيل العربية، فلا ينبغي أن نختلف في ذلك، أما مقدار هذا الطول والإشراف وميزانهما فهو من الفروع التي سنختلف في تقديرها، وستتباين أنظارنا فيها، وذلك لاختلاف أنفسنا وثقافاتنا وأذواقنا، ولكن هذا الاختلاف لن يؤثر على الأصول، بل إنه سوف يثريها ويقويها. (انتهى الدرس السادس).

ملحوظة:
المقصود هنا عرض الدرس بلغة سهلة ومختصرة دون إثقاله بطريقة المعالجة والاستدلال، ولذلك فالدرس لا يُغني عن الكتاب لمن أراد التوسع، علمًا أن الكتاب موجود في جميع فروع المكتبات التالية: جرير، العبيكان، الرُّشد.

للأستاذ: عبد العزيز القرشي
ماجستير في الأدب العربي/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية­­­

الدرس الأول

الدرس الثاني

الدرس الثالث

الدرس الرابع

الدرس الخامس

شاهد أيضاً

قفز الحواجز .. تضبط الحياة

امتطاء صهوة الجواد والتدرب على فروسية قفز الحواجز ، تملئ الأوقات سعادة غامرة و حماس …

error: الحقوق محفوظه لموقع صهيل
X