صحيفة صهيل الإلكترونية الأولى في أخبار الخيل والفروسية
صهيل – عبدالباقي البلاع :
جاء الإسلام لإخراج الناس من ظلمة الجهل إلى نور الحق، ولتغيير عادات جاهلية كانت غير مفيدة البتة، فكما انتصر الدين للناس، لم يغفل عن بقية المخلوقات. فها هي خيل الله المباركة التي اتصفت بالجمال، قد شملها ما شمل غيرها، فقد اوقف الاسلام عادة سيئة كانت تفعل بالخيل لمجرد أهواء شخصية، هي جز نواصي الخيل وأذنابها..
يقال إن أول من جز ناصية فرسه وذنبها هو الحارس بن عباد يوم تحلاق اللمم في أيام حرب البسوس، وذلك أنه لما سمع بقتل ولده بجير دعا بفرسه النعامة فجيء بها فجز ناصيتها وذنبها ونادى في قومه، وأنشد قصيدته التي مطلعها:
كل شيء مصيره للزوال … غير ربي وصالح الأعمال
ومنها:
قربا مربط النعامة مني … لقحت حرب وائل عن حيال
فاتخذت العرب ذلك سنة، إذا أرادوا إدراك الثأر، فعلوا ذلك بخيلهم. فلما بلغ المهلهل فعل الحارث، دعا بفرسه المشهر وفعل به ما فعله الحارث بالنعامة، وقال قصيدته التي مطلعها:
هل عرفت الغداة من أطلال … رهن ريح وديمة مهطال
ومنها:
قربا مربط المشهر مني … لكليب الذي أشاب قذالي
قلنا إن الإسلام انتصر لهذه الكائنات البريئة، لتعيش بحقوقها التي منحها الله لها، وحتى يكتمل جمالها المنتقص ظلما. فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قص شعر مواضع معينة، في هذا الجسد الرائع، كانت تقص في الجاهلية، فقال: (لا تقصُّوا نواصي الخيلِ ولا مَعارفَها ولا أذنابَها فإنَّ أذنابَها مَذابُّها ومَعارفَها دِفاؤُها ونواصيَها معقودٌ فيها الخيرُ)..
ونواصي الخيل هو ما يكون في أعلى رأسها من الشعر، ومعارفها جمع عرف بكسر الراء، وهو الشعر الذي في أعلى الرقبة، يسترسل إلى جهة اليمين أو إلى جهة الشمال. وقد جاء في لسان العرب أن عرف الفرس والدابة والديك وغيرها؛ هو منبت الشعر والريش من العنق، والجمع أعراف وعروف، والمعرفة بالفتح منبت عرف الفرس من الناصية إلى المنسج، وقيل: هو اللحم الذي ينبت عليه العرف.
وأذنابها هو الشعر الذي يكون في الذيل أو الذنب. و(فإن أذنابها مذابها) أي تذب بها الذباب والحشرات التي تقع عليها، بحيث تحركها فيطير الشيء الذي يقع عليها، فهي من الذب. و(معارفها دفاؤها). أي فيها دفء لرقبتها. وجاء النهي عن قص شعر الناصية والعرف والذنب، لأن قصها لا يترتب عليه أية مصلحة.
ولم ينس أمير المؤمنين عمر حق الخيل، فعن الشعبي قال: “قرأت كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عامله على الكوفة سعد بن أبي وقاص ينهى حذف أذناب الخيل وأعرافها وإخصائها…”.
