صهيل – عبدالباقي البلاع :
انتقلت الخيول العربية الأصيلة منذ أقدم العصور من موطنها بالجزيرة العربية إلى معظم أنحاء العالم، إبان الفتوحات الإسلامية، وبأيدي الرحالة والتجار الغربيين، وغيرها من الطرق. وقد حدثت عمليات تهجين بين الخيول العربية وغيرها في تلك الأزمنة. ولعل البذرة قد نبتت، وأينعت، وأنتجت ثمرا!.
ففي دراسة أجراها باحثون قاموا بتحليل الكروموسومات واي (Y) لأكثر من50 حصانا يمثلون 21 سلالة؛ اكتشفوا أن الأنساب الأبوية لجميع الخيول الحديثة تقريبا، تعود إلى الفحول التي جلبتها أوروبا من الشرق على مدار 700 عاما. تكشف النتائج الواردة في دورية علم الأحياء الحالية (Current Biology ) الصادرة في 29 يونيو2019 عن التأثير الهائل لمشاريع التشبية القائمة على اختيار أقوى الذكور.
يقول الباحثون إنه مع وجود الأنساب الجينية في متناول اليد، أصبح من الممكن الآن توضيح أصل وعلاقة أي نسب من أنساب الفحول بالتفصيل.
وتقول باربارا وولنر من جامعة الطب البيطري في فيينا: “بخلاف أنساب الفحول في سلالات أوروبا الشمالية، فإن جميع أنساب الفحول المكتشفة في سلالات حديثة أخرى مستمدة من أسلاف شرقية تم إدخالها إلى أوروبا مؤخرا، لذا فإن بياناتنا تعرض بوضوح الأثر الهائل لاستراتيجيات تشبية الخيول الحديثة – التي تتميز باختيار أقوى الذكور واستيراد الفحول الشرقية – خلال مئات السنين القليلة الماضية على تنوع الكروموسوم واي”.
يتم نقل الكروموسومات واي من الآباء لأبنائهم. يجعل نمط الوراثة هذا الكروموسوم Y مكانا جيدا للبحث عن أدلة حول التاريخ الفريد للذكور من نوع ما. في الدراسة الجديدة، ركز الباحثون على جزء من الكروموسوم واي الذي ينتقل من جيل إلى آخر بطريقة صحيحة ودقيقة. وأي تغييرات في هذا الجزء من الكروموسوم واي هي نتيجة لطفرات جديدة.
وتوضح باربارا: “بما أن الطفرات العشوائية تتراكم بمرور الوقت، فإن الذكور الذين ينحدرون من سلف الأب الأصلي سيشتركون في مجموعة معينة من طفرات الكروموسوم واي”، مكوّنة ما يعرف باسم المجموعة الفردانية (هي مجموعة من الجينات في كائن حي يتم توارثها معا من أب واحد).
كان من الصعب إعادة بناء تاريخ الفحول من قبل لأن هناك تنوع منخفض للغاية في الكروموسومات واي للخيول الحديثة فلا يمكن الشروع فيه. وقد توصل الباحثون إلى حل هذه المشكلة عن طريق استخدام تسلسل الحمض النووي الراسخ من الجيل التالي، مما سمح لهم بالتقاط حتى أصغر التغييرات.
أظهر تحليلهم للكروموسومات واي الـ 52 أن الأنساب الأبوية لمختلف الخيول الحديثة انقسمت في وقت أقرب بكثير من تدجين الأنواع، والتي تعود لأكثر من 5000 سنة. وبصرف النظر عن بعض النماذج الخاصة لمجموعات معينة من طفرات الكروموسوم واي في شمال أوروبا، فإن جميع سلالات الخيول الحديثة المدرجة في الدراسة تتحلق حول مجموعة فردانية عمرها حوالي 700 عام، تم نقلها إلى أوروبا عن طريق استيراد الفحول الشرقية. تضم هذه المجموعة الفردانية مجموعتين فرعيتين رئيسيتين: النسب العربي الأصيل من شبه الجزيرة العربية ونسل الخيول التركماني من سهول آسيا الوسطى.
من خلال ربط أنساب الكروموسوم واي مع معلومات أنساب مستمدة من سجلات مكتوبة، يقول الباحثون أنه من الممكن الآن تعريف نماذج لمجموعات معينة من طفرات الكروموسوم واي لسلوك الفحول المؤسسة. باستخدام هذا النهج، قاموا بكشف أصل خيل الثروبريد، واقتفاء أثرهم إلى فحول المؤسس التركماني.
وتقول باربارا: ” نتائجنا تمهد الطريق لتوصيف وراثي دقيق لأنساب الفحول، والتي يجب أن تصبح روتينية في المستقبل القريب”.
المصدر: مجلة SCIENCE Daily